اين ذهبــــت غيــــرة النــــســـــــاء ونخـــــــــوة الرجـــــــــال

ربط أطباء علم النفس طبيعة الرجل الشرقي التي تتسم بالنخوة والغيرة وبين ارتفاع درجة حرارة التي تعمل علي زيادة إفراز هرمون الذكورة "التستستيرون" الأمر الذي يجعل الرجل "دمه حامي" كما يقولون ، بعكس دول أوروبا وبرودة الجو التي تنعكس على دماء الرجال هناك ، ولكن فى الفترة الأخيرة اختلفت الصورة لدى بعض الرجال بشهادة كل امرأة تشكو من التعرض للتحرش يومياً فى الشارع ووسائل المواصلات سواء كان باللفظ أو الملامسة.
والأمر الذي يعجز العقل عن تصوره، وأصاب المجتمع المصري بالذهول ظهور بعض الحوادث الغريبة كالقضية التى أثارت الرأي العام "تبادل الزوجات" ، التى قضت المحكمة بمعاقبة مؤسس الشبكة بالحبس 7 سنوات، وزوجته 3 سنوات، مع وضعهم تحت مراقبة الشرطة لمدة مماثلة.
ومنذ أيام سقطت شبكة جديدة لتبادل الزوجات في صعيد مصر بمحافظة "المنيا" حيث شهد مركز شرطة بندر ملوي بإحباط الشبكة بعد أن فوجئ رئيس المباحث بشخص يدخل مكتبه ويطالبه بتحرير محضر ضد شخص آخر، قال إنه خدعه وحنث باتفاق تم بينهما علي أن يتبادلا زوجتيهما ، وقال الشخص نفسه إنه نفذ الاتفاق وأحضر زوجته وسمح لها بمعاشرة الطرف الثاني علي وعد أن يقوم الأخير بإحضار زوجته إليه، لكنه فوجئ بالتهرب منه!!

لا شك أن مثل هذه القضايا جديدة على المجتمع ، ولكن الشارع يعاني بصورة عامة من انحدار فى الأخلاق ، تري ما الأسباب التي غيرت نخوة بعض الرجال وانحدرت بهم إلى هذه الصورة؟ "لهن" استطلعت آراء بعض السيدات لنرى هل كل امرأة لاحظت هذا التغيير فى السلوكيات وما الأسباب من وجهة نظرهن؟
المجتمع يحملها المسؤولية

تقول ريهام رأفت - طالبة جامعية – لا أعلم ماذا حدث للرجال ، هل هناك شئ ما فى الجو استنشقوه أصابهم بالبرود وجعلت النخوة تطير فى ثانية أم أصابهم الجبن وتخليهم عن الدفاع عن أي امرأة تتعرض للانتهاك فى الشارع ، لا أعرف سبب معين ، ولكن بعض الرجال يرون أن المرأة الآن أصبحت أقوي منهم وتطالب بحقها فتركوها تعتمد على نفسها فى كل شئ ، وهذا ما يظهر خلال الحياة اليومية فى المواصلات العامة فنري أنهم يزاحمون الفتيات ويتحرشون بهن عن عمد ، لا يلبوا نداء أي فتاة تطلب الغوث أو المساعدة عند طلبها للاستغاثة ، بل يلقوا باللوم عليها خلال بعض الكلمات "شوفي نفسك الأول" وأصبحوا يحملون البنت مسئولية ما تتعرض له من عنف وتصرفات غير لائقة.
توافقها تماماً في الرأي أمنية حلمي - صحفية - ولكنها ألقت باللوم على مطالبة النساء بالمساواة ، مشيرة إلى أن هذه المطالبة كانت أهم العوامل لتبادل الأدوار في المجتمع ، وأصبحت المرأة تلعب دور الرجل أيضاً ، هذا الوضع انعكس على الشارع وتردي أخلاق الرجال بغير المعتاد ،مما ترتب عليه ظهور حوادث بشعة كتبادل الزوجات وغيرها من جرائم الاغتصاب فى وضح النهار ، ولا داعي لأن نتعجب من عدم مبالاة بعض الرجال فى المواصلات العامة عند رؤية امرأة كبيرة في السن أو امرأة حامل ، ولا يفكر فى التنازل عن مكانه لتجلس كما كان يفعل الرجال أيام زمان.
حقوق المرأة

أما سهيلة محمود - محللة نفسية - تقول : لا أستطيع أن القي باللوم علي الظروف الاقتصادية ، لأن فترات الأربعينات كانت أشد بؤساً وأكثر فقراً من هذه الظروف الراهنة ومع ذلك لم يفقد الرجل نخوته ولا كرامته ، الآن صار الرجال أشباه رجال لم يعد أحد منهم حريص علي رجولته ، والشخص الحريص علي ذلك نجده متسمكاً بالمظاهر متطرفاً إلي حد مريب يمنع زوجته من الخروج والعمل والذهاب إلي أي مكان ويجبرها على ارتداء ملابس معينة لا تظهر منها ، والمعتدلين يرقصون علي السلالم ما بين تكبير الدماغ والبعد عن كل أسباب المروءة والنخوة ومابين محاولة التمسك بشيء من الرجولة والكثيرون يرون أن حصول المرأة علي العديد من حقوقها قد سحب البساط من حقوق الرجل حين حصلت المرأة علي حقها في السفر والزواج والطلاق والخلع وفرض شروطها في قسيمة الزواج ، وفرض شروطها في البيت بحكم كونها الشريك مناصفة بالراتب وغيره.
وتضيف سهيلة : كل ذلك أدي إلي خنوع الرجل واستكانته ورضائه بالأمر الواقع ، فصار الرجل أشبه بالمخلوق الموشك علي الانقراض لأن المرأة طورت نفسها ونمت ذاتها ووصلت إلي مكانة كبيرة لكن الرجل ظل محلك سر فصار عرضة لتخطي الحياة واجتيازها من حوله ، لولا حرص المرأة علي وجود الرجل في حياتها ولولا أنها طبيعة الكون وسنة الله في خلقه لأصاب الرجل ما أصاب الديناصورات حين عجزت عن التكيف مع البيئة المحيطة فانقرضت ، كل ذلك هو ما جعل الرجل صار مجرد صورة أو خيال مآتة جزء لتكتمل به الصورة الطبيعية للحياة علي الأرض كحاجة لاستمرار النوع وعدم انقراض الحياة .
قصور في التربية

وعن الحوادث لاخلاقية المتكررة، يشير الاستشاري النفسي د. مدحت عبد الهادي إلى أن ما نسمعه من حوادث خطأ جسيم بكل المقاييس الدينية والأخلاقية ، وتنتج من غياب نخوة الرجل ،والذي وصفه رسول الله "بالديوث" ، الأمر لا يتوقف على الرجل فقط بل زاد الأمر سوء هو انعدام غيرة المرأة والتي يقال عنها "الرقاضة" وهي الزوجة التي لا تغير على زوجها.
وأسباب هذه السلوكيات الغريبة يرجع إلى أساليب التربية الخاطئة ، والكبت وسوء التنشئة بجميع صورها ، ومن هنا يظهر الخلل فى الشخصية نتيجة عدم القدرة على التكيف مع المجتمع بصورة سليمة ، ولا ننسي عامل مهم وهو وجود أصدقاء السوء بالإضافة إلى المتعة الشيطانية التي يشعر بها مثل هذه الشخصيات.
وأرجع د. عبد الهادي سلوك المشتركين في قضايا جرائم "تبادل الزوجات" إلى غياب النخوة عن هؤلاء الرجال لأنهم يعتبرون أن الزوجة ما هي إلا أداة للمتعة فقط ، والدليل على ذلك أن التبادل يعتمد على الزوجات فقط .
ويضيف د. عبد الهادي : السلوكيات التى ظهرت جديدة فى المجتمع جاءت نتيجة تغيير الفطرة الإنسانية التى خلق الله تعالي عليها الإنسان سواء للرجل أو المرأة ، ونحن من نلوث الفطرة بأيدينا عن طريق تدخل بعض المدخلات الرئيسية أهمها:
1 – الآباء : هناك دراسة علمية حديثة أجريت على مجموعة من الأشخاص من سن الميلاد إلى سن 18 سنة ، وجدوا الباحثون من خلالها أن معدل دخول ( لا ) أو ( لا تفعل ) في هذه المرحلة تعدت "150 ألف" أمر بالنهي ، بالمقابل كان معدل التشجيع (400 فقط ).
وبالتالي قد يؤثر هذا التفاوت فى النسب بصورة سلبية أو إيجابية ، فإما أن تجعل الولد غيور جداً أو تنعدم لديه الغيرة مطلقاً .. أو يكون لديه القدرة على اتخاذ القرار أو سلبي الإرادة .. وهذا الأمر ينطبق على جميع النواحي المتعلقة بشخصية الإنسان ،وهذه الدراسة تؤكد لنا أن النخوة والغيرة ليست مرتبطة بالجينات أو الوراثة ، ولكنها تعتمد على أسلوب التربية .

2 – الأصدقاء :الأصدقاء يلعبوا دوراً كبيراً في نقل الخبرات السيئة وخاصة مع وجود طفل تربي فى بيئة غير سوية وخاصة إذا تعرض للتحرش من الأقارب أو الجيران ، لذا على الآباء أن يحرصوا على معرفة كل شئ عن أولادهم وأصدقائهم والأماكن التى يترددوا عليها.

ولكي تكون الغيرة حميدة وليست مرضية فى إطار مقبول عند الناس ، يجب أن تكون من آباء وأمهات أسوياء ، مع تجنب المقارنة بالغير وتوجيه النصح بطريقة حنونة ، مع الحرص على تفادي كلمة " خليك مثل فلان" لأن بذلك سيبحث عن ما لا يفعله هذا الشخص ويفعله عمداً لإثبات ذاته ، ولكن الأفضل لفت انتباهه إلى صديق أفضل عن طريق النصيحة " صادق فلان لأنه شخص مهذب .. الخ "
3 – الأنا : وتعنى النفس التى قسمت إلى النفس المطمئنة ، النفس اللوامة ، وهنا تلعب النفس الأمارة بالسوء دورها مع العوامل السابقة.
وفى النهاية يجب أن نقتضي برسول الله ، ونربي أبنائنا بما يرضى الله ليشب إلى المجتمع شاب غيور وسوي فى الوقت نفسه، لتفادي العادات السيئة وتفشيها بصورة أكبر ، يقول رسول الله "أن سعداً لغيور ، وإني أغير من سعد والله أغير مني".
وقال سيد الخلق محمد صلي الله عليه وسلم : " ثلاث حرم الله عليهم رائحة الجنة ،مدمن الخمر ، عاق الوالدين ، والديوث الذي يقر الخبث فى أهله ".
منقـــــــــــــــــــــــــــوووووول